كتب الدكتور ياسر العجلوني

 تدور هذه الورقة البحثية حول ضرورة وحتمية اللجوء الى بدائل التقاضي العادي في فض النزاعات للحفاظ على مصالح اطراف الخصومة ولاتمام وانجاز العدالة.

اعتمد في تقسيم هذا البحث على النظام الثنائي حيث تم تقسيم البحث الى مبحثين :

المبحث الأول :  اعمال التحكيم السيبراني في ظل جائحة كورونا

المطلب الأول : مدلول التحكيم السيبراني

المطلب الثاني : الافضلية التي يوفرها التحكيم السيبراني

المبحث الثاني : تطبيقات في التحكيم السيبراني

المطلب الأول : الاساس التشريعي

المطلب الثاني : أهم العراقيل تحول دون التطبيق الامثل .

---

المبحث الأول : اعمال التحكيم السيبراني في ظل جائحة كورونا

   عندما نغير الطريقة التي نتواصل بها فاننا نغير المجتمع^([1]) , بمعنى انها ثقافة الكون ومتطور المدلول ومتابعة الحاجة بمعنى ان يكون الانسان مرن ويتجه الى المرونه . وتوفير البدائل هي سمة الكمال الناقص , ولذلك فمن الوسائل البديلة خلقت بدائل ومن التحكيم ونتيجة التطور استحدث التحكيم السيبراني فالحاجة صمام الامان في تبني المتغيرات .

وفي ظلال الكوارث تبرز البدائل وخلال كارثة كورونا كانت حتمية التحكيم هي طوق النجاة والتحكيم السيبراني هي حبل الطوق .

  وخلال هذا المبحث ندرس مدلول التحكيم السيبراني كمدخل ومطلب اول وفي المطلب الثاني ندرس الافضلية التي يوفرها التحكيم السيبراني

المطلب الأول : مدلول التحكيم السيبراني

   يعتبر التحكيم السيبراني هو الصورة الاحدث لتطور التحكيم الكلاسيكي او التقليدي بمعنى أنه امتداد طبيعي للتحكيم التقليدي ولكنه يختلف في الشكل عن سابقه حتى انه يسمى التحكيم المعجل كأسم مختلف عمن قبله, او التحكيم الالكتروني او الرقمي او عن بعد او عبر الفيديو, الشبكي , الافتراضي الى اخره من مسميات تتقارب في المعنى تتباعد في اللفظ ^([2]) . ومع ذلك فاني اعتبر هذا التطور جاء نتيجة حاجة وجائحة فاصبح بديلا وليس رديفا للتحكيم التقليدي

  ونظرا  لوجود قصور في تعريف التحكيم السيبراني من قبل جل التشريعات العالمية والعربية , فأنه لابد من العودة الى تعريف التحكيم بشكل عام , لتأويل المدلول الجديد  .

   ومع أن التشريعات كما ذكرت قصرت في تعريف التحكيم  الا أن الفقه استفاض في ذلك ونحن نميل الى هذا التعريف بأن اتفاق التحكيم هو ” اتفاق الاشخاص ( الطبيعية او الاعتبارية ) على عرض نزاع قائم بينهم (مشارطه ) او محتمل (شرط) ناشىء عن عقد او دون عقد على فرد – محكم مستقل – او على هيئة –مؤسسة تحكيم- لاختيار الفرد او الافراد المحكمين ولتنظيم عملية التحكيم أو افراد عاديين يختارونهم مباشرة أو يبينوا طريقة اختيارهم للفصل فيه خلال فترة زمنية معينة يحددونها او يتركون تحديدها للقانون وفقا لقواعد القانون ( تحكيم بالقضاء ) وفقا لقواعد العدالة والأنصاف ( تحكيم بالصلح ) دون عرضه على قضاء الدولة , وذلك بقرار ملزم لهم ويرمي الى استمرارية العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بينهم ^([3]) .

  ومع ذلك التعريف يمكن ان نزيد عليه وفق اليات وطرق الكترونية , الا ان الفقهاء اختلفوا حول التحكيم السيبراني هل هو الناشىء من نزاع عقدي ام من غير عقدي عبر الوسائل الالكترونية أم يشمل كل خلاف قام او سيقوم وفق القنوات العادية والالكترونية وهو ما سيحدد التعريف ^([4])

 والتحكيم السيبراني لايختلف من حيث الجوهر عن التحكيم التقليدي حيث يمكن تعريف التحكيم السيبراني بأنه ” التحكيم الذي تتم اجراءاته عبر -وسائل التكنولوجيا ^([5]) -شبكة الانترنت , وفق قواعد خاصة دون الحاجة الى التقاء أطراف النزاع والمحكمين في مكان معين ^([6])سواء كان التعاقد الكترونيا ام وجاهيا او عبر محطات ثالثة ^([7]).

       اما عن سبب اختيار السيبراني بدل عن بعد او الكتروني او رقمي  فبعد الرجوع الى الترجمة وفق التراجم المعتبره تبين بأن كلمة cyber  هي الاكثر دقة ووضوح وتنسجم مع التحكيم بدقة متناهية^([8]). كما ان الكلمة تعنى بالاتصال اكثر من الطريقة بمعنى التحكيم بالاتصال الاكتروني وبقية الكلمات ارتباطها بالمعنى اللفظي اكثر من المبنى .

المطلب الثاني : الافضلية التي يوفرها التحكيم السيبراني

 اصطدم العالم بالجائحة وعجزت الدول من الناحية التنظيمية عن كيفية التعامل مع هذا الوباء , ومنها مرفق القضاء وفصل النزاعات , مما  اضطر المؤسسات التحكيمية والقضائية من استكمال  الفصل في النزعات كتدبير احترازي الامر الذي نجم عنه تراكم النزعات او ما يمكن تسمية بالاختناق الاجتماعي والاقتصادي^{( [9])}.

مقابل هذا التعطل المصالحي والتضرر الجمعي اصبح اصحاب الحقوق يخشون على حقوقهم ومصالحهم في ظل غرق المركب وتلاطم المصالح  واختفاء منارة العدالة .

   وعليه كان لابد من وجود بديل لذلك الا وهو التحكيم السيبراني وهذا بطبيعة الحال ليس اختراعا جديدا او وليد صدفة بل تشريع متوفر وان كان قليل الاستعمال وكذلك للايجابيات والفضائل التي يحملها معه لابل اعتبره كشَاف للرؤية الشرعية وناظم لسيف العدالة  والعدالة المنجزة ,  بديلا لا رديفاً, مسلولا لا غامدا في حصن الشرعية    .

 واذا نظرنا في الافضلية التي يقدمها في ظل الجائحة واحتسابا للتقدم والتطور التكنولوجي وزيادة في الانسجام العالمي فان هناك العديد من الميزات التي  يقدمها هذا النوع من التحكيم – التقاضي -السيبراني نذكر منها :

• السرعة  : مما لا شك فيه ان عامل السرعة في التحكيم يعتبر اساسي وهو من اهم ما يذهب اليه اطراف النزاع لابل انهم يحددون الوقت اللازم لفصل النزاع قبل بدءه ويتحكمون به ويجبرون المؤسسة التحكيمة – فرد او جماعة – على الالتزام به والا تعرض للبطلان وهذا هو الحال في التحكيم الكلاسيكي .

  وفي التحكيم السيبراني لم يختلف هذا الامر لا بل ارتفعت اهمية عنصر السرعة في وقت تم وقف جميع النشاطات الانسانية من حركة ونقل وبالتالي كان لا بد من وقف سماع الشهود وتبيلغ الاطراف وتصديق الاوراق والاجتماع باللجان وهذا ما لم يحصل في التحكيم السيبراني . لابل ان هذا النوع سهل التواصل عبر تقنيات فنية من خلال التبيلغ عبر الايميل او غيره من وسائل وكذلك الالتقاء الالكتروني عبر المنصات المؤسساتية .

• ·         المال  ينعكس السرعة على الوقت في الانجاز وكذلك على الكلفة من تنقل الاطراف او المترجمين او الشهود او استئجار الفنادق او غيره حتى ان بعض المنصات وعبر انظمة الكترونية اصبحت تستخدم هذة المنصات عبر الترجمة الفورية والمراسلات الموثقة والتسجيلات المحمية وفق نظام مؤتمت ومسبرن وفق منصة واحدة ولعدة اطراف وبالتالي فتح جلسات متعددة وانهاء ملفات في نفس الوقت وهذا قلل من الكلفة .
• عبوره للقارات وتجاوزه التشريعات

هذا امر مهم مرتبط بالسرعة والكلفة واستخدام افضل المؤسسات والمعامل التحكيمية للفصل في النزاع من خلال كبسة زر وبلغات متعددة ومترجم اكثر كفاءة واسرع وقتا واقل جهدا واكثر ثقة وبذات قانون العدل لا بقانون بلد معين مجبر على فهمه بقدر ما يكون محققا لامال وطموح المستثمر او طرف النزاع .

   ووفق التطور التكنولوجي المتسارع  فأن امن وسرية المعلومات اصبح حالة في العالم المادي ولا سيما بعد وجود قرصنة  وتهكير لبعض المواقع الرسمية للدولة . وهذة الحالة الإيجابية هي معنية بالحماية الحقيقية وفق أنظمة اتصالات وشركات دولية متخصصة  يصعب بل يستحيل اختراقها كما هي البنوك وحسابتها ^([10]).

المبحث الثاني : تطبيقات في التحكيم السيبراني

        من الضرورة عندما نناقش امر ما ان تبحث في مضامين والية عمله , وهذا يقود الباحث الى ان يبحث في محله ومشروعيته والا كنا امام ابطال للاتفاق التحكيمي , فلا يمكن ان نتجاوز اساس الاتفاق واركانه , وعدم مخالفته للنظام العام او اسباب البطلان التي اوردتها معظم التشريعات بالحصر .

 وكما يعلم الجميع بمشروعية التحكيم التقليدي وموافقته لجميع التشرعيات الارضية والسماوية , اما عن التحكيم السيبراني فأن الامر لم يصل الى هذا الحد

 لذلك نبحث الاساس التشريعي للتحكيم السيبراني في مطلبنا الاول  ومن ثم العراقيل التي تحول دون تطبيق التحكيم السيبراني الامثل .

المطلب الأول : الاساس التشريعي

  نتحدث ونبحث عن الاساس التشريعي للتحكيم السيبراني بدون توجيه البوصلة الى جهة محددة وقد اكون قصدت ذلك وتوجهت الى تعميم الفكرة والهدف اعتقد انه واضح ولكي لا اطيل عندما اتحدث عن فضاء سيبراني يرتبط بزمان لا بمكان , فان من رجاحة المنطق ان نحرر المكان بتحرير الفضاء واتساعه .

 فالتحكيم السيبراني لا قيد له مكانيا فيمكن ان نكون في نفس البلد ويمكن ان نبتعد ونقترب بتجارة عالمية وبمنصات فضائية الكترونية وعقود لا حدود لها  .

 ولا مناص من التاكيد على شرعية التحكيم التقليدي وننطق به الى الاتفاقيات الدولية ومن ثم المؤسسات التحكيمية العالمية ثم الى التشريعات العربية .

  اساس التحكيم انه بناء قانوني مكون  من ثلاث ارادات نبدأ من ارادة الاطراف , وارادة المحكم وارادة المشرع .

وارادة الاطراف اصل التحكيم بلا تردد كونه قائم على قبول الاطراف  فهو عصب الاتفاق وركنه القويم , فاذا اتفق الاطراف على حل النزاع الحالي او اللاحق سيبرانيا  فيجب ان لا يخالف القانون ولكن نبحث ارادة المحكم او المؤسسة التحكيمة لنعود للمشرع .

اما عن ارادة المحكم او المؤسسة التحكيمية فهو بالاتجاه نحو التحكيم السيبراني بالموافقة وبالعلم بالاجراء الالكتروني دون ان يخالف النظام العام الدولي لاسيما ان الاتفاق السيبراني هو منظومة دولية وان كان داخليا .

  والنظام العام بالمجمل هو ما يتصل بالمصالح العليا للمجتمع لا اكثر وهو مفهوم مرن ضمن المؤسسة التشريعية لها ضوابط ومعايير تخضع للرقابة القضائية والتي يجب ان لا تستغل من قبل السلطة القضائية لتسيس الامر^([11]) .

وسبق ان طعن بالتحكيم السيبراني لمخالفته النظام العام من قبل الاطراف لمحاولة تعطيل الاحكام والاستفادة من المصالح العليا للدولة في القضايا الدولية , الا ان محمكمة التمييز الاردنية كانت على قدر من الفهم الحقيقي لطي ملف اغرق النظام العام بدوامة المصالح العليا^([12]).

   اما عن المؤسسات التحكيمية فقد اظهرت مجموعة من المؤسسات العليا التحكيمية وعددها سبعة وعشرون مؤسسة وفق المقالة المنشورة بمراجعة تاثير الوباء في الاشهر السبعة الاولى لعام 2020 , ومنها عربيا مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي ومركز دبي  أن العديد من الاطراف والهيئات القضائية لجأت الى مؤسسات التحكيم بالتوصية حول التعامل مع كوفيد 19, وهذا الدعم توجه مهم في دعم واستقرار البيئة التحكيمية عن بعد , كما يؤكد على سهولة التنفيذ القضائي في المراحل المتتالية ^([13]).

وايضا مارست كثير من هذة المؤسسات التحكيم عبر الوسائل الشبكية والذكية وفق منصات رسمية محمية وبغطاء قانوني .

   ومن نافلة القول ان الاتفاقيات الدولية حرصت على مكانة التواصل عن بعد والتحكيم وساهمت في تطويره بنصوص عامة وخاصة وجاء الوقت ليكون محط الاهتمام والتنفيذ فنذكر من هذة النصوص :

• اتفاقية نيويورك لعام 1958 والمعروفة باتفاقية الاعتراف بقررات التحكيم الاجنبية وتنفيذها ^([14]), اشارت في المادة الثانية منها بان اتفاق التحكيم يجب ان يكون مكتوبا حتى يعترف باتفاق التحكيم , وفي الفقرة الثانية من ذات المادة وضحت بأن اتفاق التحكيم المكتوب يشمل اي شرط تحكيم يرد في عقد او اي اتفاق تحكيم موقع عليه من الطرفين او ورد في رسائل او برقيات متبادله .

   اذا اعترفت الاتفاقية وشرعنت التبادل الكتابي والمؤتمت عندما لم تخرج هذا النوع من الرسائل . اذا من حيث الشكل مقبول ولكن المشاكلة في موضوع التنفيذ فلا معنى من حق لا نفاذ له  .

    المادة الرابعة من الاتفاقية اوجبت تنفيذ قرار التحكيم والاعتراف به بمجرد اظهار صورة مصدقة الاتفاق الذي تم وبالالية التي تمت وفق لمنطوق المادة الثانية .

ولا يجوز رفض الاتفاق التحكيمي او عدم الاعتراف به الا في حالات ومنها عدم وجود اتفاق صحيح بمقتضى قانون البلد الذي اخضع له الطرفان الاتفاق او لم يكن هناك ما يشير الى ذلك بمقتضى قانون البلد الذي صدر به القرار او او لم تقم الهيئة التحكيمية بالمطلوب منها حسب الاصول المرعية في قانون البلد او بما تم الاتفاق عليه .

وباختصار ان الاتفاقية تركت الامر بداية لسلطان الارادة لدى الاطراف بالاتفاق , واباحت التحكيم وفق الطرق المتيسرة ودون قيود او تضييق .

وهذا ما ربطت به الاتفاقية نفسها مع القانون النموذجي – الاونسيترال – للتحكيم التجاري الدولي ^([15]) عندما فسرت المادة الثانية والمادة السابعة بذات الخصوص المتعلق بالشكل السيبراني للتحكيم والتوسع مع التطور العالمي للتجارة الالكترونية وتوحيد المرجعيات في القواعد التحكيمية ^([16])

    وفي هذا سعت المؤسسات التحكيمية الى ترسيخ ثقافة التحكيم السيبراني مع تنوع المصطلح المستخدم  خلال الفترة المنصرمة وزاد الحاجة اليه بعد ظهور الجائحة وتعطل القضاء لا بل تجميد حركته لفترة معينة ومحاولة التقاضي عن بعد التي واجهت اشكاليات دستورية واحتجاجات منظمة للمصالحية المتعثرة .

 ونجحت كثير من المؤسسات التحكيمية من استغلال الفرصة وتحويل جادة الطريق الى سكة التحكيم عن بعد مع تعاطف المؤسسة الرسمية العالمية مع ذلك لتقلل الاحتقان  الشعبي وكذلك لانجاز العدالة .

المطلب الثاني : أهم العراقيل تحول دون التطبيق الامثل .

   غني عن البيان أن التحكيم السيبراني هو تطور واستحداث لحالة جديدة من اشكال التحكيم وبالتالي جاء ليحل اشكالية ويطور حالة واقعة ومنها حل الارهاصات القائمة لمواصلة عملية التحكيم ومنها عدم حضور الاطراف لعدم القدرة وكذلك استجواب الشهود او سماع افادتهم والخبرة والترجمة بالاضافة لقيود السفر والانتقال والتنقل للاطراف او المؤسسات التحكيمية .  والان في ضل جائحة كورونا منع السفر ومن ثم تقييده والمحافظة على السلامة العامة والتباعد الجسدي والارتباط الاجتماعي الى اخره من مسببات كانت رابط لاستهداف التحكيم السيبراني .

    الا ان ذلك لم يمنع من وجود عراقيل متعددة طبيعية او مصطنعة نذكر على سبيل المثال لا الحصر منها :

• أختلاف التشريعات

    إن وجود بعض التشريعات الغير مرتبطة باتفاقيات دولية وعدم الاعتراف بهذا النوع من التحكيم لا بل إن بعض التشريعات مرتبط بالاتفاقيات الدولية الا انه كما ذكرنا سابقا يمتطي صهوة النظام العام ليبقي التحكيم في ذيل الوسائل البديلة والمتاحة لانجاز العدالة , وهذا نتجاوزه بان التحكيم هو قائم على ثلاث ارادات واهمها ارادة الاطراف فمتى تجاوزنا التشريعات المحلية الى دوليتها من خلال المؤسسات التحكيمية وان بقيت دول العالم الثالث تدور في فلك السيادة .

• وزن الادلة بالنسبة للاطراف وغيرهم من الشهود والخبراء والتقنيين

    يذهب البعض الى اضعاف الجانب التقني في ايصال دفوع الاطراف بالوجه الصحيح من خلال قدرة العرض او الاستجواب , وهذا بطبيعة الحال يتجه الى العرض المادي الجسدي من قدرات على تقديم الادلة بمعنى الايماءات والايحاءات المعبرة – لغة الجسد – التي قد لا تكون بمستواها القلبي للمحكم ولا تعطي الانطباعات الحقيقية لدى المحكمين أو التي قد تختصر على الدفوع الورقية الالكترونية الجافة , وهذا ينطبق على الخبراء والشهود .

   كما ويمكن ان يكون ذلك باختراق النظام ومخالفة الاطراف باستبدال الشهود او تمكينه للامر من خلال اطراف اخرى او تلقينه الاجابات او المعلومات .

   وهذا الامر تم معالجته من خلال الاتصال المباشر المرئي والاستعانة بالانظمة المؤسساتية للدخول الى المحاكمة مع انها لا تسد ذريعة المطلوب وجاهيا .

• الوصول او التمكين السيبراني غير المتكافىء بين الاطراف .

   وهذا الوصول او التمكين يتعلق بالربط الشبكي والاتصال المرئي , وهذا متعلق بدول العالم الثالث والتي يشار اليها بالاستعمار الفكري والتقني والاقتصادي وما زالت ترزخ تحت قيد الجهل مقارنة بالدول الاوروبية او الامريكية او غيرها من حيث الكهرباء والاتصال الشبكي والسرعات مما ينعكس على الوجود الذهني والفكري للشخص وايضا الوصول الجسدي .

 وهذا اسهل ما نعتبره لعرقلة الجهد العظيم فيمكن استخدام خاصية التسجيل في هذة الحالات او الاستعانة بوسائل الاتصال غير المرئي .

• الترجمة الفورية

   الحديث عن الترجمة المباشرة والحقيقية المطلوبه وتحديدا اللهجة المحكية لدى الشاهد او الخبير او اي طرف كعائق في وجه التحكيم والمقصود هنا وجوب الترجمة وفق المصطلح الحقيقي للغة الدارجة لا سيما ان بعض الكلمات لها معاني متعددة مرتبطة ببيئة الشخص المتكلم وقد لا يكون المترجم يحوي هذا المدلولات مما يترتب اثر عكسي وسلبي دون  ان يعرف ذلك سواء من الخبير وهو الاهم الى الشهود .

• الامن والسرية

 القراصنة ( Hackers)  أو المخربين (Crackers )  وهم اشخاص يجوبون الأنترنت ويعترضون المعلومات السرية خاصة منها , وبالتالي فأن التحكيم السيبراني مهدد الى حد ما اذا ما اخترقات الحسابات الرسمية والأنظمة الفاعلة للامن المعلوماتي  ^([17]).

كما أن من مساوىء السرية أن يصعب على احد طرفي التعاقد  التحقق من اهلية المتعاقد الاخر , وعدم معرفة المعلومات الاساسية  عن المتعاقدين لاسيما أن الاطراف ترفض الكشف عن خصوصيتها ^([18])  .

التخوف العالمي من الامن والسرية هو من استخدام تقنيات متعددة للوصول الى نظام مؤسسة التحكيم من خلال الاجهزة المنزلية سواء من تحميل فيروسات او قرصنة الموقع .

وهناك حالة تمت في عام 2015 حيث تم اختراق محكمة التحكيم الدائمة في نزاع متعلق بين الصين والفلبين حيث تم زراعة فيروسات من خلال عرضت البيانات الى السرقة او الاختراق ^.([19])

• اختلاف الساعة العالمية

هناك فروقات بالوقت بين الدول تصل وتزيد عن ست ساعات , وكذلك اختلاف العطل الرسمية والاعياد وهذا يسبب ارهاق للمؤسسة التحكيمية والشهود والخبراء من طلبهم وقت العطلة او اثناء الدوام وهذا يسبب ارهاق ايضا للشاهد والخبير .

الخاتمة والتوصيات

    على الرغم من المزايا المتعددة في التحكيم السيبراني التي تستقطب كل لبيب وتطفوا على باقي الوسائل البديلة ولا سيما في ظل الظروف الاستثنائية والقاهرة وتحديدا ما اعصب البشرية من جائحة كورونا المستجد , ولانه له من المستجد نصيب واستعداداً لما هو مقبل فلا بديل عن هذا النوع من التحكيم .

 الا انه يجب الاعتراف بأن اي عمل لكي يصل الى التمام والكمال الناقص فلا بد من معالجة ما يواجه هذا النظام من عراقيل وتجاوزها , وبالاستخدام الامثل نرى الافضلية المطلقة في استغلال التحديات وجعلها فرص حقيقية للابداع وتسخيرها للصالح العام .

   اذا كما يقول الفقيه  Maud Piers وChristian Aschauer  ان التقنيات الجديدة توفر فرص جديدة لحل النزعات القائمة والمتوقعة وبالمقابل فانها تصنع وتحدث نزاعات جديدة من نوع مختلف وغير متوقع , وهذا يؤكد ان التطور التقني والتكنولوجي سلاح ذو حدين افلح من استغلهما^([20]).

وعليه يجب على العالم بالمطلق ان يستثمر في هذة البيئة المزدهرة للتعافي قضائيا واتمتة القطاع القضائي ووسائله البديله , ومعالجة كل نقص .

    ومن اجل ذلك يوصي الباحث :

1. تعديل جميع التشريعات العربية المتعلقة بالتحكيم لمصلحة التحكيم السيبراني .
2. توحيد التشريعات العربية بالمطلق وفق القانون النموذجي للتحكيم اسوة بالبحرين , لا سيما ان معظم التشريعات اخذت عن القواعد الاونستيرال والقانون النموذجي واتفاقية نيويورك . وكونها تسموا على القوانين المحلية فلا يوجد ما يمنع من التوحيد .
3. خلق مؤسسة تحكيم عربية تخدم المجال التجاري العربي وفق نظام مؤسساتي مؤتمت وتسابق المؤسسات الدولية .مع تدريب الكوادر على المهارات المهمة واللازمة .
4. زيادة البحث البرمجي والفني  وبراءات الاختراع في المجال الصناعي والتكنولوجي لاستحداث انظمة الكترونية وتوفير تقنيات وبرمجيات تخدم التحكيم السيبراني .

لتحميل الورقة البحثية والاطلاع عليها كاملة مع المقدمة والمراجع انقرهنا

---

[1] . C. Shirky, Here Comes Everybody (New York: Penguin Press, 2008), p. 17.take from ARBITRATION IN THE DIGITAL AGE The Brave New World of Arbitration Edited by Maud Piers University of Ghent Christian Aschauer University of Graz p 59 .

[2] . سلسلة معالم استشراف نظام التحكيم الرقمي بالمغرب – الحلقة الأولى: أبعاد وحدود مدلول التحكيم الرقمي. | مجلة القانون والأعمال (droitetentreprise.com) , محمد أميـن الفوحـي,  تم بتاريخ 06/01/2021 .

[3]  .سيد احمد محمود احمد , مفهوم التحكيم ,دار النهضة , الطبعة الاولى ,2003 , صــــ4 . 

[4] . ARBITRATION IN THE DIGITAL AGE The Brave New World of Arbitration Edited by Maud Piers University of Ghent Christian Aschauer University of Graz p 59 .

[5] . IS CYBER ARBITRATION LEGAL?, Riddhika Somani , Mediation Centre, IS CYBER ARBITRATION LEGAL? | VIA Mediation Centre . at  14.00 pm , in 05/01/2021

[6] . عصام عبد الفتاح مطر ,التحكيم الالكتروني , دار الجامعة الجديدة , مصر , 2009, ص 42 .

[7] . التحكيم الإلكتروني ودوره في حل المنازعات الناتجة عن التجارة الإلكترونية – المركز الديمقراطي العربي (democraticac.de)

[8] . electronic adjective – Definition, pictures, pronunciation and usage notes | Oxford Advanced Learner’s Dictionary at OxfordLearnersDictionaries.com

[9] . جائحة كورونا وحتمية التقاضي عن بعد , مجدوب قوراري , مجلة القانون والاعمال , عدد خاص بعنوان كوفيد19 وتاثيرها على القوانين الوطنية والعلاقات الدولية , جامعة الحسن الاول .

[10] .التحكيم الالكتروني كوسيلة لفض المنازعات , ياسر أحمد العجلوني , مجلة المنارة , العدد الثامن والعشرون , ص 87/ دجنمبر 2019 .

[11] . مجلة التحكيم العالمية , عبد الحميد الاحدب , ص 15 , العدد 45+46/2020/ ابريل .

[12] . منشورات عدالة , محكمة  التمييز , هيئة عادية قرار رقم 3078/2018 , تاريخ 206/2018 , وكان نص الحكم ” أن الطعن بالتحكيم الالكتروني – الرقمي – بأعتباره مخالفا للنظام العام غير صحيح لان قانون التحكيم الاردني الذي احال تفسير القانون ونصوصه الى الاتفاقيات والقواعد والمبادىء الدولية للتحكيم وهي تسموا على الدساتير وبالتالي لا مخالفة للنظام العام ” 

[13] . الاثر العالمي لوباء كوفيد 19 على تسوية المنازعات التجارية في الاشهر السبعة الاولى من عام 2020 , منشور في 13/10/2020 , تم الاطلاع عليه في 27/12/2020 IBA – The Global Impact of the Covid-19 Pandemic on Commercial Dispute Resolution in the First Seven Months (ibanet.org)

[14] . للاستزادة راجع موقع لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي | (un.org)

اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها (نيويورك 1958) (uncitral.org)

[15] . UNCITRAL Model Law on International Commercial Arbitration 1985, With amendments as adopted in 2006 (Arabic) قانون الاونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985 مع التعديلات المعتمدة .

[16] . مرجع سابق , اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها (نيويورك 1958) (uncitral.org)

[17]  . بوديسة كريم , التحكيم الألكتروني كوسيلة لتسوية المنازعات في عقود التجارة الألكترونية , رسالة ماستر ,2002 , ص29 . 

[18]  . محمد محمود جبران , التحكيم الالكتروني كوسيلة لحل منازعات التجارة الالكترونية . رسالة ماستر , جامعة الشرق الاوسط , 2009 , ص 49 .

[19] Challenges and Opportunities of Virtual Hearings in International Arbitration | Coronavirus: Preparation & Response | V&E International Dispute Resolution Update | Insights | Vinson & Elkins LLP (velaw.com) التحديات والفرص من جلسات الاستماع الافتراضية في التحكيم الدولي | فيروس كورونا: إعداد والاستجابة | V & E حل النزاعات الدولية التحديث | رؤى | فينسون وإلكينز  By Adrianne Goins and Elena Guillet  2021 .  تم مشاهدتها في 14/.1/2021

[20] . ARBITRATION IN THE DIGITAL AGE The Brave New World of Arbitration ,Edited by Maud Piers , Christian Aschauer , Cambridge University Press 2018, page 67-70 .